الوكالة الأولى المتخصصة بأنباء الملكية الفكرية في العالم
عضو في طلال أبوغزاله العالمية

" الحفاظ على الأرواح والأرزاق معا"

24-آذار-2020 | المصدر : وكالة أبوغزاله لأنباء الملكية الفكرية | عدد الزيارات : 1507
" الحفاظ على الأرواح والأرزاق معا"

خاص بوكالة أنباء أجيب

رسالة سعادة الدكتور طلال أبوغزاله إلى الوطن والعالم العربي

أساتذتي وقادة أمتنا العربية، وأنا أقلّكم علمًا ومكانةً، بناء على طلب من المُحبين الذين أرادوا أن أتكلم في هذه الفترة العصيبة التي نمرُّ بها صحيًا واقتصاديًا، رأيتُ أن أتوجَّه إليكم وإلى أحبابي وأبنائي وبناتي في هذا الوطن العظيم.

بدايةً أطلُّ عليكم ونحنُ في عددٍ من الأزمات التي توقعتها عندما خاطبتكم عام 2017 وقُلت إنَّ هذه السنة ستكون سنة الأزمات، وأودُّ، وبكل ألمٍ، أنْ أقول إنَّ هذه ليست آخر الأزمات، كما أنّ الأمور كما يقول الخبراء العالميون والقادة ستزداد سوءًا قبل أن تتحسن ولكنها ستتعثَّر وستنطلق مُبادرات الخيْر والنَّهضة على أمتنا العربيّة وعلى العالم.

الأزمات ومنها "الكورونا"، التي هي إضافة إلى أنها أزمة صحيّة، هي أيضًا أزمة اقتصادية، ولا يجوز أن يخفى علينا ما ستؤثره وما أثّرته-حتى الآن-على قطاع الأعمال، المُتمثّل بالسَّعي وراء الأرزاق.

وهنا بداية أودُّ أن أُثْني على ما قامت به حكوماتنا العربية، مُنطلقًا من الأردن، وبثناء خاص على حكومتنا الأردنيّة الرّشيدة، أقول إنَّ حكوماتنا، بحكمتها، وحرصها اتّخذت الكثير من الإجراءات لحماية أرْواح وحياة المواطنين، وهو أولوية بدون أي شك. ولذلك، أوجّه التحيّة إلى كلّ مَنْ تبرَّع لدعم عجز الموازنات في حكوماتنا، ومن ذلك ما حصل في أردننا الحبيب من تبرُّعات إلى وزارة الصحة والوزارات الأُخرى من أجل مساندتها للقيام بأداء واجبها على أكمل وجه.

إننا، ودون أي مجاملة، وأنْتم تعرفون أنني لا أُجامل، أقول إننا في هذه الأزمة قد انتصرنا بوقفة حكوماتنا العربية عامّة، وما اتخذته إجراءات السّلطات الحكوميّة في الأردنّ خاصّة في رعاية المواطن، وعدّها ذلك أولويَّة من أولوياتها، وفي ذاك موضع تقدير وإكبار من الجميع وطنيًا وعالميًا.

وأقول إننا من منطلق حفاظنا على الأرواح، نُحافظ على الأرزاقِ أيضًا؛ لأننا في هذه المرحلة الحسّاسة، وأنا أود أن أستشهد بقائد استطاع أن يُنقذ بلاده، وهو الرئيس الصيني شي جين بينغ (Xi Jinping) عندما قال منذ بداية الأزمة وليس في نهايتها - بداية أزمة كورونا، قال إن الأرواح مسؤوليتنا الأولى وحفاظنا عليها واجب، ولكن لا يجوز أن ننسى أن الحفاظ على الأرواح يعني أيضًا الحفاظ على أرزاقها وعلى مستقبلها وأننا إذا أردنا أن نحميَ هذه الأرواح مستقبلًا يجب أن ندعم اقتصادًا قويًا، وألا نسمح لهذه الآفة أن تقضي على مستقبلنا الذي يعتمد على اقتصادنا. فوجب علينا أن نُخطط للسير في خطَّين متوازيين من حيث الأهمية هما: خط الحفاظ على الأرواح وخط الحفاظ على الأرزاق؛ لأن الأرواح تحتاج كي تستمر حياتها ويستمر مستقبلها أن يستمر رزقها.

إن هنالك متضررين كثيرين في كل أقطار العالم وليس فقط في الأردن أو في المنطقة العربية، وإن كثيرًا منهم قد عانوا من هذه الآفة وما تُشكِّلُه من أضرار على قطاع الأعمال، ومن المؤسف أن نرى أن بعض المؤسسات قد اضطرت إلى الاستغناء عن موظفيها، أو تخفيض رواتبهم، أو تأجيل دفع رواتبهم؛ نسبةً إلى مداخيلها، وتلك مسؤوليَّة حياتيّة مهمّة، لا تقل عن مسؤولية (الضمان الاجتماعي) الذي يمكن توسعته لنقول بأنه يسبق كل (ضمان اجتماعي) ما يمكن أن نطلق عليه (الضمان التكافلي).

لقد ناديتُ ولن أَملّ، بأننا إلى جانب جهود الدّولة، وتلك مسؤوليتها في الحفاظ على الأرواح، علينا نحن وعلى كل مواطن وعلى كل رجل أعمال وعلى كل مؤسسة وعلى كل فرد أن نُحافظَ (جميعنا) على أرزاق النّاس، وأن نحميَ مستقبل اقتصادنا ومستقبل أمتنا.

إن دولنا النامية، في أغلبها، ليس لديها إمكانيات لدعم الاقتصاد، وفي الوقت نفسه، ليس لديها إمكانيات للقيام بواجبها في دعم مسيرة الحياة بعامَّتها وخصوصيتها، ومن هنا تنتقل مسؤولية هذا الدعم من رقبتها إلى رقبتنا جميعًا وتصبح مسؤولية تشاركية.

نحنُ في القطاع الخاص تضررّنا وإننا إذ نُمثِّل واحدةً من مؤسسات هذا الوطن العربيّ، بكل فخر واعتزاز، قد أُصبنا بأضرار كبيرة في أعمالنا وفي أرزاقنا؛ لأننا مؤسسة خدمات متعددة بكافة قطاعاتها من محاسبين قانونيين أو استشاريين أو خبراء أو مهنيين، كلها تضررت؛ لأن مصاريفها الملتزمة بها، يقابلها إيرادات تنتظرها، والثانية قد توقفت! فنحن مجموعة طلال أبوغزاله العالمية أحد أكبر المُتضررين، ولكن ذلك لا يعني أننا نريد أن نُنقذ أنفسنا أو مؤسستنا، على حساب غيرنا، معاذ الله، ولقد وجّهت إدارات مجموعتنا للحفاظ على أرزاق موظفينا، ومستقبلهم، وجعلت خطتنا تبدأ بأولوية صرف رواتبهم مسبقًا، وسنستمر في صرف رواتبهم بكل الظروف؛ لكي يطمئنوا إلى مستقبلهم.

إنني أثق بصفتي مؤسس ورئيس مجموعة طلال أبوغزاله العالمية بأن الزملاء في قطاع الأعمال هم أحسن مني وأقدر مني وأعظم مني حسًّا وطنيًّا وحسًّا اجتماعيًّا، وسيقومون بما قمتُ به وأكثر إن لزم الأمر، ومع ذلك فإن هنالك مجموعة، لا بأس بها، ستتضرر من هذه الأزمة لا محالة ولا قُدرة لها على الاستمرار بما فيها المؤسسات الصغيرة التي تعتمد على اليومي والشهري في إيرادها، وهذه مسؤوليتنا، بما في ذلك العاطلين عن العمل، وهؤلاء هم أيضا مسؤوليتنا، وبما في ذلك مَنْ أدَّت بهم الظروف إلى انعدام أرزاقهم، ونحن في مجموعة طلال أبوغزاله مستعدون أن ندعم مبادرة هامة وضرورية لدعم الاقتصاد الوطني وذلك من خلال حملة تبرعات من أهل القطاع ومن أهل المجتمع الخيِّرين ومن كلِ من لهُ قدرة بما فيها من تضرر ونحن أحدهم؛ نحن مستعدّون بصفتنا مؤسسة متضررة، وإضافة إلى ما أصابنا، ورغم ما أصابنا من ضرر، أن نتقدم بواجبنا في دعم هذه المبادرة؛ لكي يستمر اقتصادنا في الحفاظ على قوته ولكي نستطيع أن نتعدى هذه المرحلة، ولا نجد أنفسنا بعد هذه الأزمة في أزمة أخرى مثل أزمة بطالة أو أزمة إفلاس أو أزمة معيشية اجتماعية صعبة أو أزمة حياة يومية أو أزمة في رزق يومي متقطّع.

إن هذا الموضوع يشغلني ويشغل الكثيرين من أهل هذا البلد الخيّر، بل يشغل المنطقة العربية الفقيرة برمّتها، وإنني أُعلن من منبرنا المؤسسي أننا قد حرصنا في طلال أبوغزاله العالمية على تقديم مسؤوليتنا تجاه المجتمع من خلال وضع وإقامة وتمويل ذاتيّ كامل لمشاريع بناء القدرات في هذا الوطن؛ لكي يصبح المواطن مستغنيًا عن المعونة، فأن تُعلِّمِني الصيد خير من أن تهديني سمكة كل يوم!

إننا ندّخر سنويًا في أيدي مواطنينا، ومنذ سنين طويلة، ما لا يقل عن ثلاثة ملايين دينار أردني سنويا من أجل الخدمة المجتمعية؛ من خلال تقديم برامج تأهيلية وتعليمية وتدريبية نديرها بتمويلنا الذّاتي وتخدم مواطننا وتبني قدراته وتعزز تقدّم وطننا ونموّه، ولن نألو جُهدًا في أن نستمر في ذلك، ونعدكم في هذه المجموعة التي تدين بالفضل إلى مجتمعها، وتدين بالفضل إلى قادتها، أننا سنستمر في هذا في أداء هذا الواجب رغم ما أصابنا من أضرار ولن تتوقف برامجنا في دعم القدرات وبنائها.

وبمبادرتنا وما نسيرُ عليه من دعم سنوي نلغي فوارق بين الناس ونسد ثغرات ما كان لها أن تُسد إلا بالدّعم الادخاريّ المبنيّ على النظرة المستقبلية لا النظرة الآنية. هذه مسؤولية اجتماعية لن نتوقف عنها ونحن مصرّين عليها.

نُبارك مبادرات حكومتنا الرشيدة في الأردن، ومبادرات الحكومات العربية كلّها التي أمرت بأنه يجب أن نخوض المعركة ضد هذا العدو الذي اسمه "الكورونا"، هذا عدو لنا جميعًا، لا يميز ولا يستثني أحدًا منا، ويجب أن نحاربه جميعا بسلاح قوي وهو سلاح التحوّل الرّقميّ، ولذلك فإن هذه المؤسسة التي نادت منذ عشرات السنين بضرورة بناء المجتمع الرقمي والتعامل الرقمي؛ لاستمرارية الحياة، وتطورها ونهوضها، ستعمل بشكل خاص ومكثَّف على تلبية توجيهات حكومتنا الرّشيدة بتأمين وسائل التّواصل الرّقميّ للناس كافة، فقمنا بإنتاج اللابتوب والتابلت ليكونا أداة طيّعة للانتصار على هذه الأزمة.

وفي الوقت الذي طُلب إلينا أن نحجر أنفسنا، علينا ألا نتطلع إلى السقف فقط! بل أن نعمل ونحن في الحَجْر، لنستمر في بناء مسيرة إنساننا عامة، وبناء طفلنا العربيّ خاصة، وفي الوقت نفسه تجهيزه وتزويده بأساليب العمل الرقمي، كما كانت رسالتنا سابقًا، ولكن بشكل مكثف أكثر، والآن خصوصًا، أنها أصبحت رسالة حكومتنا الرّشيدة، ونحن نعمل بموجبها على امتداد إمكاناتنا؛ من أجل تقديم ما يلزم لتستمر عجلة الاقتصاد في ازدهارها ولنحافظ على الإنسان حيًّا، ولكن حيًّا منتجًا قويًّا يعيش حياته باحترام وكرامة. 

شكرًا لكم، وأنا أقلّكم معرفة، ولكنني أجد من واجبي أن أُعبّر عمّا في نفسي لأنني أحسّ بالفضل الكبير لهذه الأمة العربية عليّ، وأحسّ بولاء كبير لوطني العربي الكبير الذي أعتزُّ به، وإنني إذ أفخر بعروبتي دائمًا، لأشكر قادتي على حسن قيادتهم لهذا الوطن.

 
مشاركة



مقالات ذات صلة